الأربعاء، 20 يوليو 2011

مدعي الثقافة...!!


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

إن من نعم الله على الإنسان نعمة العقل التي يميز بها الإنسان الغث من السمين و يميز المتعالم من العالم وبالتالي يميز الخير من الشر

ومن صور المتعالمين الذين ملؤوا الشاشات وملؤوا المجالس والندوات شرقا وغربا  ما يسمون أنفسهم بالمثقفين العلمانيين أو التحرريين أو غير ذلك من الألقاب التي تميل بقلوب العامة نحوهم وتجعلهم كالسراج المنير الذي يضيء لهم الطريق ووالله لو علموا حقيقتهم لعرفوا أن الطريق الذي يضيئونه لهم هو طريق جهنم

فتراه يستخدم الألفاظ الغريبة والموهومة التي في كثير من الأحيان يكون أجهل الناس بمعناها كما أنه يأتي بأفكار غريبة ليتميز عن باقي الناس ، وكأنها أصبحت ( موضة ) أن يُظهر أحدهم المخالفة للمسلمات والأصول ولو أدى ذلك إلى الزندقة حتى يقال إنه مثقف.

فهم جهال ويجهلون أنهم جهال ويسمى هذا الجهل المركب كما أنهم لا يخفون في كثير من المناسبات ازدراء واحتقار كل من يتكلم بالنصوص الشرعية والقواعد الأصولية بل ويصفونهم أنهم ما يزالون يعيشون في القرن الثاني للهجرة !!!

وكما قيل : القليل من الفلسفة تنزع بعقل الإنسان إلى الإلحاد ولكن التعمق في العلم يصل بالإنسان إلى الإيمان .

فهؤلاء الناس بضاعتهم من العلم قليلة جدا ، يقرأون بعض الكتب التي تشككهم في المسلمات والبديهيات خاصة وأن مؤلفي هذه الكتب من الأسماء اللامعة المنتفشة التي يضخمها الإعلام ، بعض هذه الكتب تجادل في القرآن وتعتبره نصا أدبيا يخضع للمناقشة والنقد كما قال أمثالهم من الأولين ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) الفرقان /5

فجذور هذه الظاهرة في بداية العصر العباسي من أناس عُرِفوا بــ(الزندقة)، فكان الرجل منهم يتظرف ليقال عنه أنه من التقدميين في اصطلاحنا اليوم ، وعندما يلتقي أحدهما الآخر يسأله عن اعتقاده أي من آراء وأفكار تخالف عقيدة الإسلام وأصوله،  يعمد هؤلاء المتظرفون لخلط الهزل بالجد والمجون بالأدب، ربما حتى لايكون قولهم دليلاً وشاهداً عليهم بالردة .

وقد انتشروا في ذلك العصر انتشارا كبيرا بعد الانكباب على كتب الفلسفة اليونانية والاغريقية فأخرجوا ما يسمى بعلم الكلام الذي كما قيل لا ينفع الذكي ولايستفيد منه الغبي فأحدثوا ألفاظا غريبة على الساحة العلمية آنذاك (كي يقال مثقفين)  ومن تِلكم الألفاظ الجوهر والتسلسل والحدث وغير ذلك الكثير وهي ألفاظ موهمة تحتمل الحق والباطل , فتلاعبوا بعقول العامة وغيروا عقائد المسلمين فظهرت لنا فرق كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتردية....الخ  فمنهم من خرج من الإسلام ومنهم من توقف العلماء في تكفيرهم وكل ذلك بسبب (تفلسف المثقفين ..) !!

وما أشبه الحاضر بالماضي فنرى اليوم المصطلحات الموهومة كالحرية والمساواة والأخوة ...التي تحتمل الحق والباطل وليس هذا مقام تبيين ذلك

ومن مظاهر التحذلق أيضا أن يتكلم أحدهم بما يناقض الإسلام تماما ، فيردد مثلا مع بعض الكتاب الغربيين أوالمتغربين أن المجتمع الإسلامي هومجتمع ذكوري يضطهد المرأة ،أويردد الاخر أن الاسلام ليس حكرا على أحد دون الآخر وهو يقصد ان يتكلم الجميع في دين الله دون رقيب ولا حسيب فيقولون الكفر البواح ويختم كلامه ( يوجد اختلاف في الدين ) موسعا الخرق حتى صعب على مرقعه ان يرقع

كما أنه يلاحظ عليهم تجريح رموز الإسلام كالصحابة وكبار العلماء ليبين حياده وعدم انحيازه لأحد فهو الناقد المحايد الذي يرا الأمور من الأعلى وهو في الحقيقة أكثر المنحازين للغرب وأجهل الناس بفضائل الصحابة ومن سار على هديهم

وهؤلاء الجهال التغربيين الذي انبهروا بالثقافة الغربية متغافلين عن مساوئ تلك الثقافة تفتح لهم القنوات وتشييد لهم المنابر أما دعاة الحق فإما أن يخرصوا أو يقبعوا في زنازن تحت الأرض فإلى الله المشتكى ....

ولا يظن ظان أني ضد التقدم الحضاري فلقد ترك لنا الشرع الباب مفتوحا على مصراعيه في هذه النقطة فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنتم أعلم بأمور دنياكم) بل ونقل كثير من العلماء أن تعلم الصناعة فرض كفاية على الأمة .  

وأختم بقول الشاعر

لا يغرنك اللحاء والصور      فتسعة أعشار من ترى بقر